✍ محمد أرشـد بن عبـدالغـفـور النـدوي
مدينة البعوث الإسلامية، جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنَّ السَّماءَ بَكتْ والأرض َقد صَرَخَتْ
كأنَّمَا زُلزِلَتْ بالمَوت دُنيانَا
كأسُ المرارةِ قد زَادتْ مرارتَنَا
وأغْدَقَ الغَم ُّ والأحزَانُ وُديانًا
لمَّا سَرَى نَعيُه من كُلِّ ناحيةٍ
فاضَتْ عُيون ُ جَميعِ النَّاسِ طُغيانًا
شيخُ المشَائخ في عِلْم الحديثِ لَهُ
أسفارُه شَيَّدتْ للعلم بُنيانًا
أهلُ الحديث يَرَون الشَّيخ َ تاجَهُمُ
على رُؤوسهِمُ نُورًا وعرفانًا
كم من نفوسٍ أنارتْ من مَجالسهِ
زادتهمُ بالهُدى تقوَى وإيمانًا
له مَعارفُ في بحر الحديث بها
مضَى يُعلِّم جيلًا فاقَ أقرانًا
علمُ الحديث يُبَاهي باسمه دهرًا
فأوقَدتْ رُوحُه بالحَقِّ تِبيَانًا
فلا ورَبِّك لَم تَفتُرْ عزيمتُهُ
فشرحُه للبُخاري امْتَدَّ أزمانًا
يا مَن صبَبتَ كُؤوسَ العلم طافحةً
بفيض عِلمك قد أترَعتَ أذهانًا
أفنيتَ عُمرَكَ نصفَ القَرْن مُصطَبرًا
أعددْتَ للعلم رُوَّادًا و فُرسَانًا
قضَيتَ سِتِّينَ عامًا تَجتَني ثمَرًا
من البُخاري ْ وقد نَوَّرت َ أكوانًا
صَلَّتْ عليه نُفوسٌ في جَنازَته
في مَوكِبٍ لَجِبٍ قد فاقَ مليُونًا
ناسٌ قد انفجرَتْ دمْعًا عيونُهمُ
بمشهدٍ صَخِبٍ قد سَدَّ آذانًا
تدفَّقُوا من دُروبٍ ضاقَ مَنفذُها
برَكبهمْ سَيَّرُوا أرضًا و مَيدانًا
يا نَفسُ إن كثُرتْ أطمَاعُها وطَغتْ
فلا تغُرِّي فإنَّ المَوتَ يَغشَانَا
النَّفسُ مَهْما تطُلْ فالمَوتَ ذائقةٌ
إن شِئتَ فاقرأْ كلَامَ اللهِ قُرآنًا
يا نفسَ يُونُسَ قد جرَّعتِنا وَجَعًا
مُبرِّحًا لَا يُطيقُ النَّاسُ سُلوانًا
يا نفسَ يونس َ نرجُو اللهَ مغفرةً
تُسقيكِ من غَيمه فيضًا ورضوانًا
إلَاهَنا أنتَ غَفَّارٌ ورَحمَانُ
فاسْكُبْ عَلَى قَبره رَوحًا ورَيْحَانًا